Google tag

الاثنين، 2 أبريل 2012

آليات الأخصائي الاجتماعي في التنمية الاجتماعية

الخدمة الاجتماعية مهنة نبيلة حديثة بالرغم من امتداد جذورها إلى أزمان بعيدة، حيث كانت الدوافع الإنسانية ومازالت تلعب دوراً كبيراً في حث الأفراد والجماعات على مساعدة الضعفاء وغيرهم من ذوي الحاجة.
والخدمة الاجتماعية تهدف إلى مساعدة الأفراد والجماعات والمجتمعات على بلوغ أقصى درجة ممكنة من الرفاهية الاجتماعية، وهي تستخدم في سبيل ذلك أساليب مهنية خاصة تختلف عن المهن الأخرى، فمن خصائص الخدمة الاجتماعية أنها تقوم برعاية كل العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسيكولوجية والبيئية التي تؤثر على حياة الفرد والجماعات والمجتمعات المحلية وهي بالتالي أصبحت ذات نشاط مهني مزدوج، حيث أنها لا تستهدف الأفراد والجماعات فحسب بل تهدف أيضاَ إلى تحسين ظروف العمل والسعي وراء إصدار تشريعات اجتماعية عاجلة، وهو ما يعرف الآن بالاتجاه التنموي لمهنة الأخصائي الاجتماعي.
حيث تعد الخدمة الاجتماعية التنموية نوع من الممارسة المهنية تتعامل مباشرة مع تحديات التنمية، وتساهم بإيجابية وفعالية في رفع مستوى المواطنين اقتصاديا واجتماعياً باطراد في زيادة متوسط الدخل للفرد، ومنه يمكن أن نحدد الخدمة الاجتماعية بأنها الممارسة المهنية التي تتخذ من أهداف التنمية في المجتمع أهدافاً تسعى هي الأخرى إلى المساهمة في تحقيقها.
وإذا كانت الظروف و أوضاع الدول النامية – وبالخصوص الجزائر- تعطي الأولوية للأخذ بالاتجاهات التنموية في ممارسة الخدمة الاجتماعية إلى جانب الاتجاه الوقائي والعلاجي وصولاً إلى تحسين أحوال هذه المجتمعات فإن هذا الاتجاه يتضمن تحقيق مستويات لتنمية الإنسان اقتصادياً، واجتماعياً، وثقافياً إلى مستوى الإنسان العصري الحديث، وفي رأيي الأسباب الكامنة وراء الأخذ بهذا الاتجاه يكمن في الجوانب التالية:
1-   يتعرض المجتمع الجزائري لعمليات تغيير مقصود ومخطط فيما يعرف بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية لذلك ليس هو بالمجتمع الذي يريد الحفاظ على الوضع الراهن كما هو.
2-   تحاول جهود التنمية حالياً تغيير الأنظمة لصالح الفئات الأقل دخلاً وهذا يدعوا إلى توجيه نشاط الرعاية الاجتماعية للفئات المحرومة والأقل دخلاً.
3-   تلقي الخدمة الاجتماعية ممثلة في الأخصائي الاجتماعي بثقلها في تنمية الموارد الإنسانية عن طريق تدعيم وتقوية حياة الأسرة وإعداد الأهالي لتحسين أحوالهم من خلال الإسهام في عمليات التنمية المحلية للريف الجزائري بالخصوص.
4-   تساهم الخدمة الاجتماعية التنموية في دفع قوة فاعلية المشاركة والاستفادة من جهود المواطنين للإسهام في خطة التنمية المحلية، ويتحقق ذلك من جهود الخدمة الاجتماعية بالمساهمة في إيقاظ وعي الأهالي، كما تسهم في إيجاد علاقات للتعاون والفهم المتبادل بين الحكومة والأهالي.
5-   تساهم الخدمة الاجتماعية في تحديد الاحتياجات والمشكلات التي تعاني منها السكان وتنمية إمكانيتهم وقدراتهم لمواجهة هذه المشكلات وإشباع هذه الاحتياجات.
6-   استثمار الموارد البشرية عن طريق تنظيم الجماهير كي توفر لنفسها بمختلف الوسائل المشروعة ما تحتاجه من خدمات([1])   
ومنه نحدد أهم العمليات الاجتماعية الأساسية التي تتضمنها تنمية المجتمع المحلي الجزائري وترتبط إرتباطاً وثيقاً بالخدمة الاجتماعية وهي كالتالي:
‌أ-    طرق وأساليب التعرف على المجتمع الريفي، والتعرف على أعضاء السلطة المحلية – ونقصد به الأعيان، رئيس المجلس الشعبي البلدي، ...
‌ب-   مساعدة الأهالي على مناقشة مشكلاتهم والإفصاح عن معاناتهم، وكذا مساعدتهم على الوصول إلى تحديد المشكلات التي يعاني منها مجتمعهم المحلي بحدة.
‌ج-   دعم ثقة الأهالي بأنفسهم أي بث الرغبة في المواجهة وإبداء رأيهم بطريقة موضوعية وبعيدة عن أي ضغوط أو ممارسات خارجة عن نطاقهم.
‌د-    مساعدة الأهالي على اتخاذ القرارات حول خطط العمل المناسبة ونقصد هنا بعملية المشاركة في تحديد البرامج ومشروعات التنمية.
‌ه-    التعرف على مَوَاطِن القوة والضعف على مستوى البرامج والمشاريع، وحث الأهالي على الاستمرار في بذل المزيد من الجهود قصد حل المشكلات التي يعانون منها، وتحقيق الرفاهية الاجتماعية.
‌و-    زيادة قدرة الأهالي على مساعدة أنفسهم بأنفسهم، أي الاعتماد على أنفسهم في تحقيق احتياجاتهم وكذا القيام بواجباتهم وحتى الاستفادة من حقوقهم([2])

1- العلاقة بين الـخدمة الاجتماعـية و التـنمية الاجـتماعية للمجتمع الريفي

إن الخدمة الاجتماعية باعتبارها ممارسة مهنية, و أداة و وسيلة لتحقيق تنمية المجتمع الريفي وذلك من حيث اهتمامها بالعلاقات الاجتماعية و اعتمادها على الحقائق العلمية وهي بذلك تقدم خدمات مباشرة للأفراد و المجتمعات بصفة عـــــــــامة.
و تشكل في نفس الوقت كل أنشطة التنمية الاجتماعية ولها دور أساسي في مساعدة الأفراد و الجماعات على التكيف مع المجتمع.
من خلال ما سبق يمكن لنا أن نحدد الأثر التبادلي بين الخدمة الاجتماعية و تنمية المجتمع الريفي الجزائري كما يلي:
1)  هناك ارتباط واضح بين الخدمة الاجتماعية و تنمية المجتمع الريفي لان كلاهما يؤمنان بمجموعة من الأخلاقيات و القيم الأساسية في ممارسة العمل و تجسد هذه الأخيرة في الاعتراف بكرامة الفرد و التعاون بين جميع الوحدات الإنسانية وهي تضبط على كل من أخصائي الخدمة الاجتماعية و أخصائي التنمية في تعامله مع الوحدات الاجتماعية و هذا الاعتراف بكرامة الفرد يعد القاعدة التي تقوم عليها التغيرات التي يرجى إحداثها غي اتجاهات وقيم و سلوك الوحدات الإنسانية و كذلك في تحديد الدور لتوفير الفرص لنمو الأفراد وزيادة قدراتهم حتى يشعر كل فرد بأهمية فعاليته ضمن المجتمع .
            و كما اشرنا إليه آنفا فان التغير الاجتماعي لا يتحقق إلا بمشاركة الجماهير
             تخطيط   البرامج و المشروعات و تنفيذها .
        2) الخدمة الاجتماعية وتنمية المجتمع الريفي أهداف مشتركة حيث أن هدفهما الرئيسي
         هو الإنسان ذاته وذلك لتحقيق الرفاهية الاجتماعية للمجتمع الريفي ويمكن تحديد هذه
        الأهداف فيما يلي:
-       محاولة القضاء على المشكلات الاجتماعية التي تعيق التنمية الريفية.
-       المساهمة في رفع و تعبئة روح التعاون داخل الوحدات الإنتاجية .
-       ادماج المعوقين  ومساعدتهم على علاج مشكلاتهم لتمكينهم من الاستفادة من قدراتهم
ودور الخدمة الاجتماعية في تحقيق هذه الأهداف من خلال مجالات العمل العمل التالية :
أ‌.      المجال الوقائي:
يقصد به محاولة تجنب حدوث الأزمات والحد من المعاناة و الآلام و التخفيف من المصاريف الباهضة لعلاج هذه الأزمات بعد حدوثها .
ب‌. المجال العلاجي:
وهي مجموعة الأساليب التي تعتمد في معالجة المشكلات –الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و الثقافية – و ذلك قصد إيجاد حل لها أو التخفيف من حدتها([3]) .
ج.المجال التأهيلي :
يستخدم هذا الأخير عند فشل المجالين السابقين قصد ضمان قيمة الإنسان ومساعدته على الإنتاج بأقصى حد ممكن بمستوى أدائه المنخفض للمشكلة.
3)ضرورة التنسيق بين مهنة الخدمة الاجتماعية و تنمية المجتمع الريفي من حيث الاهتمام بالفروق الفردية وكذا الاحتياجات الفردية لذا يجب أن يكون أسلوب أو طرق تقديم الخدمة مبنيا على احترام كرامة الإنسان وحريته (أي بدون تفرقة أو عنصرية أو تعصب لجهة ما )
4) تبني كل من الخدمة الاجتماعية وتنمية المجتمع الريفي على أسس علمية ضمن نظام مضبوط وموضوعي من حيث التخطيط وتنفيذ البرامج و المشروعات.
5) ترتكز كل من الخدمة الاجتماعية وتنمية المجتمع الريفي على أدوات ووسائل متنوعة للاتصال بالجماهير فهما يستخدمان المقابلات والندوات والاجتماعات ووسائل الإعلام كما أنهما يستعينان بالقيادات المجتمعية المحلية.

2: سير الخدمة الاجتماعية في التنمية الاجتماعية للمجتمع الريفي
تعتمد الخدمة الاجتماعية في تنمية المجتمع الريفي على ثلاث طرق :

2-1 :طريقة خدمة الفرد وتنمية المجتمع الريفي :
وتعتبر من أول طرق مهنة الخدمة الاجتماعية والتي عرفها المؤتمر السنوي للخدمة الاجتماعية عام 1964" طريقة من طرق الخدمة الاجتماعية تستهدف التدخل والتأثير في حياة الفرد الاجتماعية والنفسية لتحسين وتوجيه وتدعيم وظيفته الاجتماعية " ([4])
ويظهر دور هذه الطريقة في الهداف التالية:
‌أ)  تحقيق التوازن الاجتماعي بزيادة حجم الطاقة العاملة في المجتمع، وذلك للاستفادة من الطاقة البشرية السلبية والمعوقة و المنحرفة واستغلال إمكاناتها وتحويلها إلى طاقة منتجة.
‌ب) حماية المجتمع من المخاطر المستقبلية، حيث تحويل هذه الفئات إلى طاقات هدامة تعوق رفاهية المجتمع.
‌ج) تعمل خدمة الفرد على تدعيم قيم التضامن الاجتماعي وتحسيس الأفراد بالأمن، وذلك بما تقدمه مهنة الخدمة الاجتماعية للأفراد من خدمات والذي يساهم في زيادة ارتباطهم بالمجتمع.
‌د)  تحقيق التنمية الاجتماعية للمجتمع الريفي بالاهتمام بالإنسان وما يجابه ذلك من أزمات اجتماعية تعيق تحقيق هذا الهدف، مع توعية المجتمع بالأمراض الاجتماعية التي من الممكن أن تصيبه.
ومما سبق نجد أن خدمة الفرد تعمل جاهدة في خدمة الإنسان والمجتمع لتحقيق هذه الأهداف في إطار مجتمعنا الريفي حتى يمكن الوصول إلى بناء مجتمع متكامل.
وعلى ضوء الأهداف السابقة يمكن لنا أن نحدد الدور الذي تلعبه طريقة تقديم خدمة الفرد بمهنة الخدمة الاجتماعية في تنمية المجتمع الريفي الجزائري بما يلي:
أ‌)  المساهمة في مواجهة مشكلات التغير الاجتماعي بأساليب خاصة وجديدة تتفق والظروف التي يعيشها المجتمع الريفي الجزائري.  
ب‌) التصدي للمشكلات الفردية لدى بعض الأفراد والتي تعيق التنمية كاللامبالاة والتقاعس والتكاسل، فالفرد الذي تواجهه مشكلة ما يُعد طاقةً معطلة من جهة، وقوة لا تخدم التغيير ولا التنمية الريفية بل تعيق حركتها، فخدمة الفرد تعمل كشف هذه المشكلات وتحديد الطريقة المثلى لتؤثر في الظروف القائمة كأداة إنسانية تأثيراً إيجابياً.
كما أن الجانب التنموي لخدمة الجماعة يعد كأحد الأساليب الأساسية لنظرية طريقة العمل مع الجماعات وعلى ضوء ما يجري في الجزائر يمكننا أن نضع المبادئ التالية:
1- مفهوم الخدمة الاجتماعية بمفهومها التنموي تهتم بالقيام بالأداء الاجتماعي حيث أن هذا الاهتمام ينقسم إلى قسمين هما:
أ- إستعادة الفرد لإمكاناته وكذا المساهمة في تنميتها.
ب- مساعدة الفرد على تنمية قدراته بغية الرفع من مستوى الأداء.
2- تقييم وتقويم مستوى أداء الأفراد في موقف طبيعي، حيث نجد القواعد العامة التي تضبط سلوك الفرد، هذا الأخير يمكن ملاحظته عن طريق سلوك الأفراد الآخرين أو بواسطة علاقته بالأخصائي الاجتماعي خاصة فيما يتعلق بالمهام الاجتماعية في المواقف الخاصة وعلاقة هذا السلوك بأدائه الاجتماعي.
- العناصر الأساسية في كفاءة سلوك الأداء الاجتماعي نمثلها على طرفي مقياس بدايته سوء الأداء ونهايته حسن الأداء ([5])
فإذا كان الاتجاه التنموي في أسلوب وطريقة العمل مع الجماعة مهتم برفع مستوى أداء أعضاء الجماعة فانه أيضا يسهم في تنمية صلة الترابط بين الجماعة والمجتمع الريفي الذين ينتمون اليه كما ان الشعور بالانتماء يفرض على الفرد قبول أساليب العمل التي تسير عليها الجماعة و الخضوع لها .
مما سبق نجد أن المفهوم التنموي لخدمة الجماعة يركز على الأداء الاجتماعي فضلا عن اهتمامه بتحقيق الذات كما أنه يثير قدرات الأفراد ليحققوا أقصى درجات النمو في حياتهم الاجتماعية وكذا مواجهة المشكلات والأزمات .
ترجع أهمية استخدام هذه الطريقة مع الجماعات في تنمية المجتمع الريفي الجزائري إلى أن مشكلات المجتمع الريفي يجب أن تعالجها جهود الجماعة والجهود المشتركة للجماعات.
فالمجتمع الريفي الجزائري الذي يواجه تحديات التنمية يتطلب من أسلوب العمل مع الجماعات أن تساهم بشكل فعال في التنمية الشاملة ولاسيما التنمية الاجتماعية منها لذا يمكن للأخصائي الاجتماعي الذي يعمل في دور الشباب أو في المنظمات الشبابية أن يمارس دورا هاما في تحقيق التنمية الشاملة لمجتمعهم .
ومما سبق يمكن لنا أن نحدد أهداف طريقة العمل مع الجماعات في تنمية المجتمع الريفي الجزائري في هدفين رئيسيين هما:
1-  مساعدة الأفراد ليدركوا قدراتهم وإمكانياتهم من خلال الخبرات الجماعية التي توفرالاهتمامات المشتركة للأعضاء .
2-    مساعدة الجماعات حتى تقوم بوظائفها ومسؤولياتها بكفاءة عالية لتحقيق ما تسموا إليه([6]).

2-2: طريقة تنظيم المجتمع وتنمية المجتمع الريفي :
تعتبر طريقة تنظيم المجتمع من الطرق المهنية للخدمة الاجتماعية التي تسعى إلى تدعيم قدرة المجتمع الريفي على تحديد مشكلاته وتعبئة طاقاته وموارده لمواجهة الحاجات والمشكلات لتحقيق أهدافه بالاعتماد في ذلك على بعض نماذج الممارسة المهنية مع الأجهزة والتنظيمات المجتمعية القائمة في المجتمع .
ونستطيع تحديد العلاقة بين طريقة تنظيم المجتمع وتنمية المجتمع الريفي الجزائري فيما يلي:
1- إن كلا من طريقة تنظيم المجتمع وتنمية المجتمع الريفي الجزائري هما في حقيقة الأمر عبارة عن عناصر لنفس الأسلوب العام لحل مشكلات تنمية المجتمع الريفي ويمثل هدا التشابه بينهما في:
أ‌)       كلاهما مهتم بحاجات المجتمع الريفي ومهتم أيضا بطريقة حل مشكلاته المحلية .
ب‌)   يهتمان أساسا بالعمل مع الناس سواء كانوا أفرادا أو جماعات أو في العلاقات بين هذه الجماعات.
ج) استخدام نفس المناهج و الأساليب الفنية في العمل إلى حد كبير.
د) يتضمنان مساعدات فنية أو مهنية و الاعتماد على أسس فلسفية واحدة تقريبا([7])
2- كلا من تنظيم المجتمع وتنمية المجتمع الريفي الجزائري يشتركان في المهارات والعمليات مثل تصميم وتنفيذ البرامج الاجتماعية فضلا عن تنمية المجتمع المحلي يستخدم المهارة مع الناس والمهارة في تنمية المجتمع الريفي الجزائري.
3- أن كل تنمية المجتمع الريفي الجزائري وطريقة تنظيم المجتمع يعتمدان وسائل وأدوات متشابهة مثل المؤتمرات الندوات أعمال اللجان وتشكيلها والوسائل السمعية و البصرية.


3 : أدوار الخدمات الاجتماعية في التنمية الاجتماعية للمجتمع الريفي :
إن من أهم الركائز التي يجب أن يعتمد عليها الأخصائي الاجتماعي  هي القيادات المحلية ( القيادات الممثلة في السلطة المحلية ) لأنها القوة المحركة والمؤثرة على حياة الجماعات التي ينتمي إليها الأفراد في المجتمع من ثمة فان القيادات المحلية تعتبر من أهم الأساليب التي يعتمد عليها الأخصائي الاجتماعي عند عمله في مجال تنمية المجتمع الريفي .
ويمكن تحديد دور الأخصائي الاجتماعي في هؤلاء القادة – على ضوء ما تعيشه الجزائر من أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية مختلفة عن باقي الدول النامية الأخرى – فيما يلي:
1-  العمل على أنشاء لجان تجمع هذه القيادات اخذين في الاعتبار أساس التجانس في السن و الجنس و المستوى الثقافي و تقوم هذه القيادات بالمشاركة في وضع برامج ومشروعات التنمية الريفية المحلية بحيث ان البرامج و المشروعات تؤدي الى تحقيق الأهداف التالية :
أ‌)       إعلام كل جماعة بالبيانات و المعلومات التي لها علاقة بالبرامج بالطريقة المناسبة لهم .
ب‌) إبراز دور هؤلاء القادة سواء بالنسبة للتوعية العامة المتصلة بالتنمية الريفية وتبادل الخبرات والآراء ودراسة المشكلات التي تواجه هؤلاء القادة .
2-    وضع نظام فعال لتحفيز هذه القيادات على القيام بدورها في تنمية المجتمع الريفي المحلي .
3-  يشرف الأخصائي الاجتماعي على هذه القيادات وتوجيهها وكذا متابعة النتائج التي يحققونها وتقييمها وذلك عن طريق اجتماعات دورية معهم.


3-1 : دور الأخصائي الاجتماعي في تغيير القيم والاتجاهات السلبية

القيم هي تصورات يحتكم إليها الأفراد والجماعات في تحديد ما هو مرغوب فيه وما هو مرفوض كما أنها تحدد لهم مستوى الحكم على الأفعال وأنماط السلوك ومن ثم فإن المعايير الاجتماعية هي القواعد التي يسير عليها السلوك في مواقف معينة، ومنه الأفراد الذين يشتركون في القيم المتشابهة قد يختلفون حول بعض المعايير التي يخضعون لها فكأنها تتميز بصفة العمومية، وعكس ذلك تماماً أي تتسم بالخصوصية، فكل من المعايير والقيم يخضعان للتغيير ويتشكلان في ضوء البناء الاجتماعي والاقتصادي الذي تعيشه الجزائر.([8])
   وفي هذا الصدد لا يفوتني أن أذكر بان هناك بعض العثرات التي تكبح وتعيق عملية تنمية المجتمع الريفي الجزائري، وهي في رأيي قد لا تكمن في مجموعة النظريات العلمية أو الأساليب الفنية وإنما في عدم العناية الكافية بالإنسان نفسه والتي تتطلب توعيته ومحاولة تغيير الاتجاهات السلبية كالاتكال والتكاسل والتفكير الخرافي والعمل على تحريره من المعتقدات البالية، والتعصب للأسرة أو العشيرة الجهوية – ولما كانت الخدمة الاجتماعية من المهن التي تساهم في إحداث التغيير إيجابياً، فإنها يجب أن تسير وفق المبدأين التاليين:
1-    تقديس العمل
2-    إحترام وتقدير الوقت، مع تقدير الأمر الواقع ودراسته ومحاولة إيجاد الحلول للمشكلات([9])  
ةبناءا على ما سبق نستطيع القول بأن الخدمة الاجتماعية تقوم بدور فعال عن طريق التفاعل لإتمام التغير بما يتلائم وأهداف المجتمع الجزائري، أي أن الخدمة الاجتماعية تهيئ الموارد البشرية وتجعلها في أسلوب يتناسب واحتياجات هذا المجتمع، ولا يمكن أن نجد علاج لكافة المشكلات ما لم تكن تنمية اجتماعية واقتصادية بكيفية متوازنة.
3-2 دور الأخصائي الاجتماعي في المؤسسات والجماعات المحلية
       يمكن أن يؤدي الأخصائي الاجتماعي دوره مع المؤسسات أو التنظيمات المحلية مثل المجلس الشعبي البلدي، والذي يجمع رؤساء هذه التنظيمات المحلية، ويتمثل دوره في:
1- الاشتراك في وضع الخطط لتحقيق التعاون والتنسيق بين هذه التنظيمات وتدعيم البرامج والمشروعات الموجهة للمجتمع الريفي الجزائري.
2- ضبط مهمة كل مؤسسة في المجتمع الريفي بغية تحديد أبسط الطرق لتقديم الخدمة إلى الأهالي وقيام مؤسسات المجتمع الريفي في استثارة الأهالي للمشاركة في وضع البرامج والمشروعات للتنمية الريفية. 
3- تقديم المساعدة لمختلف التنظيمات والمؤسسات المحلية في رسم الخطط التنموية الاجتماعية على مستوى المجتمع المحلي ([10])
4- القيام بالبحوث والدراسات الخاصة بالمجتمع الريفي الجزائري ( موارده، إمكانياته، مشكلاته) ومن ثم تقديم نتائج هذه البحوث إلى المؤسسات المحلية للاستفادة منها وتحسين برامجها والعمل على خلق خدمات جديدة يحتاجها أفراد المجتمع الريفي المحلي.

النتائج العامة:

نستطيع من خلال ما سبق النتائج التالية:
1-  مساهمة الخدمة الاجتماعية – ممثلة في الأخصائي الاجتماعي – في تحديد المشكلات التي يعيشها المجتمع الجزائري وبوجه أخص في الريف هذا من جهة والتخفيف من حدتها معتمدة في ذلك على أساليبها وطرقها الفنية المختلفة من جهة اخرى.
2-  بالاعتماد على الموراد التي يتوفر عليها المجتمع الريفي الجزائري يمكن أن تؤدي التنمية الشاملة عامة والتنمية الاجتماعية خاصة دوراً رئيسياً في تحقيق الرفاهية الاجتماعية لهذا المجتمع.
3-  التنمية الاجتماعية والاقتصادية التي يتم تنفيذها في الريف الجزائري، لا تستند إلى سياسة تنموية مضبوطة، وتخطيط علمي مدروس على ضوء ما طرأ من تغيرات على الساحة الجزائرية ولا يوجد مكان لما يسمى بالمتابع الفعلي للبرامج والمشروعات الموضوعة لتنمية المجتمع الريفي والمتمثلة في شخص الأخصائي الاجتماعي.
4-  القيم الاجتماعية الموجهة لسلوك الأفراد والجماعات في مجالات الحياة الاجتماعية ما هي إلا نتاج التكوين الاجتماعي الاقتصادي في مرحلة معينة.
5-  غياب الرقابة التي ينبغي أن تركز على البرامج الإنمائية، حيث أن غياب هذه الأخيرة يؤدي إلى تشويه الواقع الاجتماعي والثقافي للمجتمع الريفي الجزائري.
------------------------------------------------
[1] عبد الباسط محمد حسن: التنمية الاجتماعية، مكتبة وهبة، الطبعة الرابعة، القاهرة 1982، ص 155-159
[2] محمد عبد الفتاح محمد، الخدمة الاجتماعية في مجال تنمية المجتمع المحلي ( أسس نظرية ونماذج تطبيقية) ط2، المكتب العلمي للكمبوتر والنشر والتوزيع، الاسكندرية 1996. ص 212-213
[3] نفس المرجع، ص 214.
[4] نفس المرجع: ص 214-216.
[5] عبد الباسط محمد حسن، التنمية الاجتماعية، مكتبة وهبة،  ط 4 ، القاهرة 1994، ص 55.
[6]عبد الباسط محمد حسن، مرجع سابق، ص 223.
[7] عبد الباسط محمد حسن، مرجع سابق ص 226.
[8] كمال التابعي: القيم والتنمية الريفية، مكتبة نهضة الشرق، القاهرة، 1986.ص 458-459.
[9] محمد عبد الفتاح محمد، مرجع سابق، ص 229-230.
[10] كمال التابعي: مرجع سابق، ص 453-455

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق